SWED24: تشهد أوروبا تأخيراً متزايداً في إطلاق بعض التقنيات الحديثة على الهواتف الذكية، إذ أدت لوائح الاتحاد الأوروبي الصارمة إلى حرمان المستخدمين في المنطقة من بعض الوظائف والابتكارات التي تتوفر في أسواق أخرى، خاصة في الولايات المتحدة.
بحسب صحيفة Dagens Nyheter، أجبرت القوانين الجديدة شركات التكنولوجيا الكبرى مثل آبل وغوغل على تعديل منتجاتها لتتوافق مع القواعد الأوروبية الخاصة بالمنافسة والخصوصية، مما أدى إلى تأخير أو حجب عدد من الميزات.
ميزات تم حجبها أو تأجيلها
من بين أبرز الأمثلة، قامت غوغل بإزالة عرض الخرائط الكبير من نتائج البحث في أوروبا، تنفيذاً لمطلب الاتحاد الأوروبي بعدم تفضيل خدماتها الخاصة على حساب المنافسين. وبذلك أصبح على المستخدمين فتح تطبيق “Google Maps” يدويًا للوصول إلى الخريطة الكاملة.
أما آبل، فقد منعت ميزة الترجمة الفورية في سماعاتها الجديدة AirPods Pro داخل الاتحاد الأوروبي. وتسمح هذه الميزة في الولايات المتحدة بترجمة الحديث في الوقت الحقيقي بين لغتين مختلفتين، لكن في أوروبا تم تعطيلها لأسباب تتعلق بـ”التوافق والتشريعات التقنية”، وفقًا للشركة.
كما تأخرت أيضاً خدمة الذكاء الاصطناعي Apple Intelligence، بالإضافة إلى المساعد الذكي Gemini من غوغل، الذي أُجل إطلاقه في أوروبا بسبب مخاوف تتعلق بحماية البيانات الشخصية.
“بروكسل تقود العالم”
توضح الباحثة في معهد الأبحاث السويدي رايز، سوزان ستينبرغ، أن هذه الظاهرة تعرف باسم تأثير بروكسل، حيث تضع أوروبا معاييرها الخاصة في تنظيم التكنولوجيا، فتضطر الشركات الكبرى إلى اتباعها عالميًا.
وتضيف: “الاتحاد الأوروبي يريد أن يكون نموذجًا عالميًا في وضع القوانين التقنية. فبدل أن تسيطر الشركات على المستخدمين، تحدد القوانين من هو المسؤول عن البيانات والمحتوى”.
من أبرز الأمثلة على هذا التأثير إلزام آبل بالتحول إلى منفذ USB-C في هواتف آيفون، امتثالاً لمتطلبات الاتحاد الأوروبي لتوحيد معايير الشحن.
توتر بين الاتحاد الأوروبي و”عمالقة التكنولوجيا”
هذه القوانين تسببت في توتر واضح بين المفوضية الأوروبية وشركات التكنولوجيا العملاقة، التي تعتبر اللوائح الأوروبية عائقًا أمام الابتكار. بعض هذه الشركات حاولت الضغط لتخفيف القواعد، بدعم من شخصيات سياسية أميركية مثل الرئيس السابق دونالد ترامب، لكن الاتحاد الأوروبي تمسك بموقفه.
وتشير ستينبرغ إلى أن هذه الخطوات ضرورية لحماية المستهلكين، قائلة: “يجب أن نضمن أن التكنولوجيا التي نستخدمها آمنة، وأننا نستطيع الوثوق بها دون أن نكون ضحايا لاحتكار أو خرق للخصوصية”.
قواعد جديدة في الطريق
ومن المنتظر أن ينتهي الاتحاد الأوروبي من مراجعة شاملة لهذه القوانين بحلول مايو 2026، وسط توقعات بأن يشمل التحديث القادم لوائح أكثر تفصيلاً حول الذكاء الاصطناعي والبيانات الشخصية.
ورغم أن هذه القوانين قد تعني تأخير بعض الخدمات أو غيابها عن السوق الأوروبية، إلا أنها، بحسب خبراء تضع الاتحاد الأوروبي في طليعة الدول التي تنظم علاقة الإنسان بالتكنولوجيا بشكل أكثر شفافية وعدلاً.

