رأي/ في مجتمعاتنا الحالية، يحتل الأهل المهاجرون مكانة محورية في تشكيل مستقبل أطفالهم، خاصة في الدول التي يختلف فيها النظام الاجتماعي والثقافي عن أوطانهم الأصلية. ولكن للأسف، يواجه الكثير من المهاجرين تحديات جمة في فهم المجتمع الجديد وقوانينه، مما ينعكس سلبًا على تربية أطفالهم ويؤدي إلى نتائج خطيرة.
الفجوة بين الأهل والمجتمع السويدي
كثير من الأهل المهاجرين لم يستوعبوا بعد طبيعة المجتمع السويدي وقوانينه، ما يجعلهم غير قادرين على مساعدة أطفالهم على التأقلم والاندماج. هناك نسبة كبيرة من المراهقين الذين نشأوا في أجواء عائلية تفتقر إلى الأمان، مما يجعلهم عرضة للاستغلال من قبل العصابات الإجرامية التي تبحث عن نقاط الضعف لاستقطابهم.
التربية في بيئة جديدة
التربية في السويد تختلف جذريًا عن تلك التي نشأ عليها الأهل في بلدانهم الأصلية. نظام المدارس هنا يطلب من الأهل التعاون مع المدرسة وفهم دورهم كشركاء في العملية التربوية. ومع ذلك، فإن العديد من المهاجرين يسيئون فهم الحرية التي يتمتع بها الأطفال في السويد، ويتركون مساحة كبيرة بدون توجيه أو وضع حدود.
التحديات في التربية والحرية المفرطة
من أكثر الأخطاء شيوعًا بين الأهل المهاجرين هو تلبية جميع رغبات الأطفال المادية، اعتقادًا بأن ذلك يعبر عن الحب. هذا الفهم الخاطئ للحرية يجعل الطفل غير قادر على التمييز بين الضروري والكمالي. إضافة إلى ذلك، يميل بعض الأهل إلى إظهار الحب من خلال تقديم الهدايا بدلًا من قضاء الوقت مع أطفالهم، مما يضعف الروابط العاطفية بين الأسرة.
التعامل مع الأطفال كأفراد
الأطفال بحاجة إلى أن يشعروا بأنهم أشخاص مستقلون، لهم كيان يستحق الاحترام. إذا لم يتعلم الطفل الاحترام في بيته، لن يتمكن من احترام المجتمع أو الآخرين. للأسف، لا يزال البعض من المهاجرين يعتمدون أساليب عنيفة في التربية، سواء جسديًا أو نفسيًا، مما يخلق جيلًا يعاني من تداعيات هذه الأساليب في بيئة مثل السويد، حيث العنف مرفوض تمامًا.
الطفل يحتاج إلى التوازن
الأمان والحدود الواضحة هما الأساس في تربية الطفل. على الأهل وضع قوانين منزلية تنظم أوقات الخروج، وتحدد الطلبات التي يمكن تلبيتها وتلك التي لا يمكن قبولها، خاصة فيما يتعلق بالجانب المادي. الأهم هو منح الأطفال الرعاية والحب والمشاعر الحقيقية التي تعزز شعورهم بالأمان والانتماء.
نجاحات مشجعة
رغم كل هذه التحديات، هناك العديد من المهاجرين الذين نجحوا في تربية أطفالهم بشكل متوازن، حيث تمكنوا من فهم المجتمع السويدي والاندماج فيه دون فقدان هويتهم الثقافية. هؤلاء الأهل يمثلون نموذجًا مشجعًا يمكن أن يُستلهم منه لتحقيق التوازن المطلوب في التربية.
الخلاصة
تربية الأطفال في بيئة جديدة تتطلب من الأهل المهاجرين بذل جهد إضافي لفهم المجتمع الذي يعيشون فيه وتقبله. التحديات موجودة، لكنها ليست مستحيلة التغلب عليها. المفتاح يكمن في التواصل، الفهم، والتوازن بين الحرية والحدود، مع تعزيز قيم الاحترام والأمان. بذلك، يمكن أن ينشأ جيل قادر على تحقيق التوازن بين هويته الثقافية ومتطلبات المجتمع الجديد.
نادية صبيح هاشم
معالجة أسرية في بلدية مالمو
مقالات الرأي تعبر عن رأي كتابها وليس بالضرورة عن SWED 24