SWED24: في شوارع العاصمة الفنلندية الهادئة، وعلى مقربة من كاتدرائية هلسنكي البيضاء، يعلو الشعور بالفخر الوطني والثقة الذاتية. الشعب الفنلندي، الذي يُصنّف باستمرار كـ”أسعد شعوب العالم”، يراقب الآن من بعيد تراجع الصورة الدولية لجارته الأقرب، السويد.
تقول بلانكا فيكتوريا سوبيرينو، سائحة إسبانية تزور هلسنكي: “ستوكهولم؟ لا، لن نذهب إليها. تبدو من أخطر المدن في أوروبا هذه الأيام”.
في فنلندا، يُنظر إلى السويد التي كانت يوماً ما النموذج الأعلى لبناء دولة الرفاهية على نحو متزايد كمثال يُحذّر منه، خاصة في ظل ما تشهده من تحديات تتعلق بالاندماج، وارتفاع حوادث العنف المرتبطة بالعصابات.
من قدوة إلى “مثال مرعب”
يقول ميكّو ماياندر، المؤرخ في مركز الفكر السويدي-الفنلندي “ماغما”: “كانت السويد نموذجاً يُحتذى به في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، أما اليوم، فتُستخدم كمثال مخيف لما قد نؤول إليه إذا لم نتدارك أنفسنا”.
ويشير إلى أن حزب “الفنلنديون الحقيقيون” الشعبوي يستغل صورة السويد، وتحديداً الجريمة المنظمة فيها، لدفع أجندة سياسية تدعو إلى تشديد سياسات الهجرة وتعزيز الأمن الداخلي.
فنلندا: السعادة رغم الأزمات
فنلندا، رغم معاناتها من ركود اقتصادي وبطء في النمو، لا تزال تتصدر قائمة الدول الأكثر سعادة. ويُعزى ذلك إلى شعور عميق بالثقة بالمؤسسات، وقرب المواطنين من الطبيعة، وانخفاض سقف التوقعات الشخصية، وفقاً للعديد من الفنلنديين الذين التقاهم فريق صحيفة ” أفتونبلادت” في شوارع العاصمة.
تقول ماري كوبياينن من مدينة إسبو المجاورة: “نحن سعداء لأننا لا نطلب الكثير. لا نحب التباهي، والجميع هنا تقريباً يعيش بنفس المستوى”.
القلق من تكرار النموذج السويدي
ورغم الصورة الوردية، فإن الهواجس تزداد في فنلندا بشأن تزايد معدلات الهجرة والتباين الاجتماعي، خاصة في الأحياء الشرقية من هلسنكي، مثل “غوردسباكا”، حيث يشكّل المهاجرون نسبة 36%.
تقول ليندا مانغوكو، المقيمة في الحي: “نعم، هناك من يستخدم صورة السويد لتخويف الناس هنا، ولزرع انقسام سياسي واضح”.
رغم التوترات الإعلامية والمقارنات المتكررة، يرى ماياندر أن العلاقة بين السويد وفنلندا هي الأقرب منذ استقلال الأخيرة في عام 1809.
“نحن متشابهان إلى حد كبير، لكننا نحمل في داخلنا نفسيات تشكّلت من تجارب تاريخية مختلفة، السويد ظلت دائماً في مأمن، أما نحن فعرفنا الحرب والقلق الوجودي عن قرب”.