SWED24: في مشهد نادر ومؤثر، عزفت المريضة البريطانية دينيس بيكون مقطوعة موسيقية على آلة الكلارينيت أثناء خضوعها لجراحة في الدماغ، وذلك بعد أن فقدت قدرتها على العزف لأكثر من خمس سنوات بسبب مرض باركنسون (الشلل الرعاش).
العملية التي أُجريت بتقنية التحفيز العميق للدماغ كان لها تأثير فوري، إذ استعادَت دينيس القدرة على التحكّم في عضلاتها الدقيقة وعزفت من جديد وهي لا تزال على طاولة العمليات.
وقالت دينيس في حديثها لوكالة أسوشيتد برس (AP): “كأن الحياة فُتحت أمامي من جديد. أشعر وكأن المستقبل عاد لي بعد أن ظننت أن الموسيقى انتهت في حياتي”.
من العجز إلى العزف على طاولة العمليات
دينيس، وهي موسيقية هاوية كانت تعزف آلة الكلارينيت منذ طفولتها، اضطرت إلى التوقف عن العزف عندما بدأت أعراض باركنسون تقيّد حركة يديها وأناملها.
لكن الجراحين الذين أشرفوا على عمليتها اقترحوا أن تحضر الآلة الموسيقية معها إلى غرفة العمليات. وقد استخدم الفريق تخديراً موضعياً فقط، بحيث تبقى المريضة مستيقظة لتقييم تحسّنها العصبي في الوقت الفعلي.
وتروي دينيس بابتسامة: “سألت الطبيب ما إذا كان جاداً حين طلب مني أن أحضر الكلارينيت إلى العملية، فقال لي بثقة: نعم، أريد أن أراك تعزفين من جديد”.
تكنولوجيا تُعيد الأمل
تعتمد تقنية التحفيز العميق للدماغ (DBS) على زرع أقطاب كهربائية دقيقة داخل مناطق محددة من الدماغ، ترسل نبضات كهربائية تساعد في تنظيم الإشارات العصبية غير الطبيعية، تماماً كما تفعل أجهزة تنظيم ضربات القلب، لكن للدماغ.
وأوضح الطبيب كيومارس أشكان، استشاري جراحة الأعصاب الذي قاد العملية، أن الهدف ليس فقط تخفيف الأعراض، بل إعادة المريض إلى ما يمنحه معنى للحياة.
وقال: “لكل إنسان ما يحدد جودة حياته. البعض يريد المشي بحرية، وآخرون يريدون القراءة أو العزف. نحن نخصص الجراحة لتحقيق ما يعني لهم السعادة الشخصية”.
من علاج باركنسون إلى علاج الاكتئاب
وتتوسع تطبيقات تقنية DBS اليوم لتشمل علاج الاكتئاب المقاوم للأدوية. فقد أظهرت دراسة من جامعة كامبريدج أن التحفيز الكهربائي يمكن أن يؤثر في الشبكات العصبية المسؤولة عن المشاعر والدوافع داخل الدماغ، وهو ما قد يفتح الباب لعلاجات جديدة للأمراض النفسية المستعصية.
وفي الولايات المتحدة، خضع هذا العام أول مريض لجراحة DBS ضمن تجربة وطنية تهدف لعلاج الاكتئاب الحاد. كما يعمل باحثون على دمج التقنية مع الذكاء الاصطناعي لرصد التغيرات العصبية المبكرة التي تسبق الانتكاسات النفسية مما قد يمكّن الأطباء من التدخل قبل أن يشعر المريض بالاكتئاب مجدداً.

