حين وصل عبدالقادر عوامة إلى السويد لاجئا عام 2014، لم يكن يملك سوى حلمٍ كبيرٍ وعزيمة لا تلين. رحلة اللجوء كانت بداية فصل جديد في حياته، فصلٌ جمع بين الشغف والجهد والإصرار على أن يكون له مكان في بلد جديد بثقافة مختلفة ولغة لا يعرفها. واليوم، بعد أكثر من عقد من الزمن، يقف عبدالقادر كأحد المدربين العرب الذين صنعوا لأنفسهم اسمًا لامعا في الساحة الكروية السويدية.
يقول عبدالقادر لـ ” SWED 24″: “كانت البداية صعبة جدا، فكل شيء كان جديدا عليّ — من اللغة إلى نمط الحياة. لكنني كنت مؤمنا أن الطريق مهما طال سيقودني إلى هدفي ما دمت أعمل بصدق واجتهاد.”
من التحديات إلى أولى خطوات النجاح
بدأ عبدالقادر أولى خطواته في عالم التدريب في السويد عام 2017 مع نادي IFK Osby، وكانت تلك نقطة الانطلاق لمسيرة حافلة بالتطور. وفي عام 2018، جمعته الأقدار بلاعب المنتخب السويدي السابق يوناس تيرن (Jonas Thern)، الذي رأى فيه شغفًا حقيقيا وإصرارا لافتا، ففتح له الباب للعمل في أكاديمية Calcio Akademi لتطوير اللاعبين الشباب.
لاحقًا، انتقل عبدالقادر للعمل مع نادي IFK Värnamo في عام 2020، حيث أمضى خمس سنوات ناجحة كمدرب في الأكاديمية ومساعدًا للفريق الأول.
وفي عام 2021، كان جزءا من إنجاز تاريخي حين حقق النادي الصعود إلى الدوري الممتاز السويدي (Allsvenskan) للمرة الأولى في تاريخه — لحظة وصفها بأنها “تجسيد لكل ما حلمت به منذ أن وطأت قدمي السويد.”
شهادة أوروبية ومسيرة احترافية
لم يتوقف عبدالقادر عند حدود الخبرة الميدانية، بل واصل تطوير نفسه أكاديميًا حتى حصل مؤخرًا على شهادة UEFA Elite Youth A من مركز Bosön في ستوكهولم — وهي واحدة من أعلى الشهادات الأوروبية في تدريب كرة القدم للشباب.
يقول عبدالقادر بابتسامة تعبّر عن الثقة والتواضع: “الكثير قالوا لي إنني لن أتمكن من الوصول لما أريد، لكنني كنت أؤمن أن المستحيل فقط يحتاج إلى وقت أطول. لا شيء مستحيل، إن كنت تؤمن بنفسك وتعمل بجد.”
الرياضة جسر الاندماج
يرى عبدالقادر أن كرة القدم كانت أكثر من مجرد مهنة — كانت جسرًا للاندماج الحقيقي في المجتمع السويدي. من خلال التدريب والعمل مع لاعبين وعائلات ومدربين محليين، استطاع أن يكوّن علاقات قوية ويصبح جزءًا من النسيج الاجتماعي. ويقول: “الاحترام المتبادل والانفتاح هما المفتاح. تعلمت من السويديين الكثير، وفي المقابل شاركتهم ثقافتي وتجربتي، فكبرنا معًا.”
السويد… الوطن الثاني والشكر المستحق
بعد سنوات من العمل والتعلّم، حصل عبدالقادر على الجنسية السويدية عام 2020، وهو يعتبر ذلك أحد أهم إنجازاته الشخصية. “السويد منحتني فرصة لم أكن لأحصل عليها في مكان آخر. درست، عملت، وتطورت هنا. أشعر بالامتنان الكبير لهذا البلد، ولأشخاص مثل يوناس تيرن الذين آمنوا بي.”
الخطوة القادمة نحو المستقبل
اليوم، يعيش عبدالقادر في مدينة هلسينغبوري ويستعد لمرحلة جديدة في مسيرته التدريبية، باحثًا عن البيئة التي تتيح له مواصلة النجاح والإبداع في مجال كرة القدم.
يضيف بثقة: “لدي عروض كثيرة وسأختار ما يناسبني. الأهم أن أستمر في التطور. فالحلم لا ينتهي طالما الإيمان مستمر.”
وفي ختام حديثه، يوجّه رسالة لكل من يمر بتجربة جديدة أو يواجه صعوبات في طريقه: “لا تستسلم. الطريق ليس سهلاً، لكنه يستحق كل خطوة. الأحلام تتحقق فقط حين نؤمن بأنفسنا.”

