رأي/ اليوم يُعلن رسمياً نهاية مشروع “نورثفولت”. مصنع البطاريات في مدينة شيليفتيو، الذي كان يُروَّج له سابقاً كرمز للأمل الأخضر والمستقبل المستدام، يترك خلفه فراغاً – حرفياً ومعنوياً. ومع انقشاع دخان الحماس والوعود، لا نرى أمامنا ابتكاراً ولا فرص عمل، بل نرى مليارات مهدورة، موظفين مذهولين، وبلدية على حافة الانهيار. فقدان آلاف الوظائف يعني أيضاً خسارة عائدات ضريبية بمليارات الكرونات، ما سيؤثر بشكل كارثي على الرفاهية الاجتماعية والثقة بالمستقبل.
“نورثفولت” لم يكن مجرد شركة – بل كان وهماً. قصة مغرية صدّقها السياسيون والمستثمرون ووسائل الإعلام دون تردد. رغم الدعم المالي الضخم من صناديق التقاعد، وضمانات الدولة، واستثمارات عالمية ضخمة، انتهى المشروع بالإفلاس. كيف سمحنا لأنفسنا أن نقع في الفخ مرة أخرى؟
لا يمكن تجاهل الشبه الكبير بين هذه الفضيحة ومشروع “معجزة الفولاذ الأخضر” المزعومة – H2 Green Steel في بودين. هناك أيضاً انكشف الوهم، إذ استند المشروع إلى عروض باوربوينت أكثر من استناده إلى دراسات واقعية. خلف كل مشروع صناعي “أخضر”، يبدو أن هناك وعوداً فارغة، تُهدر خلالها المليارات قبل إنتاج أي شيء مستدام.
هذه الأمثلة تكشف حقيقة مؤلمة: السويد لم تعد جنة للمبتكرين، بل أصبحت أرضاً خصبة لبائعي الأحلام. في بلد يتسابق فيه السياسيون – من مختلف التيارات – للارتباط بصور النجاح والتكنولوجيا والرؤية البيئية، لا يجرؤ أحد على طرح الأسئلة الصعبة. بدلاً من ذلك، يقفون على المنصات مرتدين الخوذ والسترات العاكسة، بينما تُنهب أموال المستثمرين وتُقامر مدخرات التقاعد.
“نورثفولت” ليست مجرد شركة أفلست – إنها رمز لثقافة سياسية استبدلت الحقائق بالوعود، والمسؤولية بالعلاقات العامة. حان الوقت لنصحى من الغيبوبة. لم نعد نملك ترف تصديق المزيد من القصور الهوائية المطلية باللون الأخضر.
بقلم: مارون عون – مستشار اقتصادي
مقالات الرأي تعبر عن رأي كُتابها وليس بالضرورة عن SWED 24