SWED24: في وقتٍ كانت مهنة الزراعة تُصنّف على أنها من المهن الآيلة للاندثار في السويد، تشير المؤشرات الجديدة إلى انعكاس دراماتيكي في مسارها. فقد أصبحت الزراعة تُعد اليوم من أكثر القطاعات نمواً في البلاد، وسط إقبال متزايد من الشباب على العمل في هذا المجال، بحسب ما أوردته الإذاعة السويدية.
بحسب كاترين بلاد، مديرة مدرسة “إنغيلستاد” الزراعية في محافظة سمولاند، فإن مهنة الزراعة تشهد الآن انتعاشاً غير مسبوق، متوقعة أن يحصل جميع خريجيها على وظائف مباشرة بعد التخرج.
تقول كاترين في حديثها للإذاعة السويدية: “أعتقد أن هذا التغير يعود إلى تصاعد الوعي حول أمن الغذاء، خاصة في ظل التوترات العالمية. الناس باتوا يدركون أهمية إنتاج غذائنا محلياً”.
من تراجع إلى انتعاش
التحول المفاجئ يأتي بعد عقود من التراجع الحاد. ففي محافظة كرونوبيري وحدها، انخفض عدد المزارعين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عامًا بنسبة تقارب 40% خلال العقد الماضي، وفقاً لأرقام هيئة الزراعة السويدية. كما أظهرت بيانات عام 2023 أن متوسط عمر المزارع في السويد يبلغ 60 عامًا، بينما يشكل الشباب دون الأربعين أقل من 11% من إجمالي العاملين في هذا القطاع.
لم تعد الزراعة تُنظر إليها كمهنة يدوية تقليدية فحسب، بل باتت تتطلب كفاءات متعددة، في مجالات مثل الاقتصاد، والتقنيات الزراعية، والعلوم الطبيعية. هذا التغيير في الصورة الذهنية ساعد على رفع مكانة المهنة بين أوساط الشباب.
تضيف كاترين، قائلة: “لكي تكون مزارعاً ناجحاًاليوم، تحتاج إلى معرفة تقنية ومالية متقدمة، فضلاً عن فهم بيئي عميق”.
التحدي السياسي القادم
ورغم هذا التحول الإيجابي، يُحذر الاتحاد السويدي للمزارعين (LRF) من أن التحديات لا تزال قائمة، أبرزها عبء البيروقراطية وصعوبة الحصول على التمويل الريفي. فقد كان في عام 1950 مزارع واحد لكل 18 شخصاً في السويد، أما اليوم فهناك 118 شخصاً لكل مزارع واحد فقط.
تقول ميكيلا يونسون، نائبة رئيس الاتحاد: “أمن الغذاء الوطني يحتاج إلى دعم مالي وتشريعي. نحن بحاجة إلى قرارات سياسية تسهل الوصول إلى التمويل، وتخفف العبء الإداري عن المزارعين”.
يبدو أن مهنة الزراعة في السويد، التي لطالما وُصفت بأنها في طريقها للاندثار، في طريقها لأن تتحول إلى واحدة من أكثر المهن جاذبية ونمواً، لا سيما في ظل التقلبات الجيوسياسية وتزايد الحاجة إلى الاكتفاء الذاتي في الغذاء.