SWED24: قبل أربعين عاماً، وصلت النروجية كاثرين موستوي إلى مدينة اسكلستونا السويدية تحمل طموحاً بريئاً في أن تصبح ممثلة. إلا أن حلمها الفني تحوّل إلى كابوس طويل، حين تم استدراجها من قبل أحد أساتذتها في مدرسة مسرحية إلى الانضمام لطائفة سرية، أدخلتها في عزلة نفسية وجسدية استمرت سبع سنوات.
الزعيم الذي أسس هذه الجماعة لم يكن رجل دين، بل كان معلماً ذا شخصية ساحرة، استخدم خطاباً عاطفياً ووعوداً بإنقاذ الأطفال الجياع في العالم، ليربط النساء في الطائفة به عاطفياً وفكرياً. ادعى أنه زعيم مقاومة مختبئ عن الأنظار، واستطاع عبر هذا القناع أن يفرض سيطرة شبه مطلقة على المجموعة.
هوية جديدة… وحياة معزولة
داخل الطائفة، فُرض على كاثرين اسم جديد وهو “روكسي”، وهوية بديلة أصبحت تمثل حياتها بالكامل. انتقلت مع المجموعة بين عدة مدن سويدية، من بينها ستوكهولم، وانقطعت علاقتها تماماً بعائلتها ومحيطها السابق.
تقول موستوي: “لقد حصل على السيطرة عليّ بالكامل، الجسدية والنفسية. العنف كان جزءًا من الواقع اليومي”.
ورغم تحذيرات جسدها وحدسها، فإنها لم تتمكن من الانفصال عن الجماعة في البداية، وتقول: “في لقائنا الأول، شعرت بشيء خطير، وكنت الوحيدة في الفصل التي لم ترغب في زيارة منزله عندما دعا الجميع”.
التحرر عبر الحب
النجاة جاءت من لقاء عابر، لكنه غيّر مجرى حياتها. ففي صيف 1992، التقت برجل يعمل في كشك بمدينة آرهوس الدنماركية، كان سبباً في فتح نافذة جديدة أمامها. شعرت، للمرة الأولى، أن بإمكانها التمرد على “الزعيم”، واكتسبت الشجاعة للهرب من الطائفة.
تقول كاثرين: “كنت أعتقد أنه يعرف كل ما أفكر فيه، أنه يرى داخلي. لكن عندما تجرأت على كسر القواعد في تلك اللحظة، عرفت أني أستطيع التحرر”.
عودة إلى المكان الذي بدأ فيه كل شيء
اليوم، وبعد مضي أربعة عقود، تعود كاثرين موستوي إلى إسكلستونا لأول مرة، ليس كضحية، بل كأخصائية نفسية وخبيرة في الصدمات النفسية، حيث تعمل منذ أكثر من 20 عاماً. كما أنها بصدد إصدار كتاب يسرد تفاصيل تجربتها، وتُسجّل في الوقت ذاته وثائقياً إذاعياً عن هذه الفترة السوداء في حياتها.
زعيم الطائفة، معلمها السابق، توفي قبل عشر سنوات، لكن أثره ما زال حياً في الذاكرة والرسالة التي تنقلها كاثرين اليوم: “التحرر ممكن، حتى من أعمق أنواع السيطرة النفسية”.