SWED24: أثار إطلاق سراح الصحفي السويدي يواكيم مدين من أحد السجون التركية في الأيام الأخيرة جدلاً واسعًا وتساؤلات عميقة حول الخلفيات السياسية والدبلوماسية التي قد تكون لعبت دوراً في القرار، وخاصة فيما يتعلق بالتوقيت “اللافت” للعملية الأمنية التي نفذها جهاز الأمن السويدي (سابو) ضد شخصية كردية بارزة في ستوكهولم.
مدين، الذي كان قد احتُجز في تركيا منذ نهاية مارس، أُفرج عنه قبل ساعات وسط صمت إعلامي شبه كامل من جانب الصحافة الحكومية التركية. وبحسب تحليل نشره الصحفي يسبر سوندين في صحيفة Svenska Dagbladet، فإن عدم تسليط الضوء على قضيته محلياً في تركيا وفّر للحكومة السويدية هامشاً تفاوضياً أكثر مرونة بعيداً عن الضغوط الشعبوية.
كما أشار سوندين إلى أن تفكك تنظيم حزب العمال الكردستاني (PKK)، الذي وُجهت لمدين تهم بالتعاون معه، قد أضعف الأسس القانونية للاستمرار في محاكمته. لكن اللافت في تحليله هو الربط بين إطلاق سراحه و”التوقيت المناسب” لعملية الاعتقال التي نفذها جهاز الأمن السويدي، سابو ضد شيار علي، ممثل الإدارة الذاتية الكردية، والذي يُشتبه بتورطه في قضايا أمنية.
وقال سوندين: “توقيت هذا التحرك الأمني في السويد كان على الأرجح عاملاً مساهماً في تسريع عملية الإفراج عن مدين”.
من جهته، صرّح الباحث في الشؤون التركية بول ليفين لراديو P1 Morgon بأنه “من الصعب تجاهل التوقيت”، ملمحاً إلى احتمال وجود ارتباط غير مباشر بين الحدثين. ورغم تأكيده عدم وجود أدلة مباشرة، إلا أن الافتراض بأن هناك تزامناً متعمّداً “يبقى مطروحاً في حال وجود نظرة تحليلية متعمقة أو حتى شبه مؤامراتية”، على حد تعبيره.
أما ناثان شاخار، المراسل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط بصحيفة Dagens Nyheter، فقد قدم تفسيراً مغايراً، معتبراً أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يسعى من خلال “الإفراج عن صحفي سويدي” إلى تجميل صورته، خاصة بعد إطلاق وعود جديدة بالديمقراطية والعدالة أمام الشعب التركي.
وقال شاخار: “احتجاز صحفي أوروبي لا يتماشى مع الخطاب السياسي الحالي لأردوغان. يبدو أن أنقرة أرادت إنهاء هذا الملف بهدوء”.
وعلى الرغم من التطمينات الرسمية من الحكومة السويدية بعدم وجود صفقة أو تنسيق خفي، تبقى الأسئلة مفتوحة حول العلاقة غير المعلنة بين العمليات الأمنية الداخلية وقضايا السياسة الخارجية، خصوصاً في ظل التشابك الحاصل في ملفات الصحافة، الأمن، والسياسة الإقليمية.
وزيرة الخارجية: لم تجرِ أي صفقة تبادل مع تركيا
من ناحيته، أعربت وزيرة الخارجية السويدية ماريا مالمر ستينرغارد عن “فخرها وامتنانها” لفريقها في وزارة الخارجية، لما بذلوه من جهود مكثفة من أجل الإفراج عن الصحفي السويدي المحتجز في تركيا، يواكيم مدين، وعودته إلى البلاد.
وقالت الوزيرة خلال مؤتمر صحفي عُقد صباح السبت: “أعتقد أن تواصلنا المبكر وعلى جميع المستويات، بالإضافة إلى وضوحنا في اعتبار هذه القضية أولوية قصوى، قد كان له تأثير فعلي”.
وأكدت ستينرغارد أن السويد لم تُجرِ “أي نوع من صفقات التبادل” مع تركيا من أجل إطلاق سراح مدين، مضيفة أن الجانب التركي لم يقدّم أي مطالب أو شروط مقابل ذلك.
وأضافت: “لقد استطعنا إجراء محادثات بنّاءة”، مشيرة إلى تحسن العلاقات بين السويد وتركيا عقب مفاوضات الانضمام المطوّلة إلى حلف الناتو.